أسباب آلام الظهر عند النساء
تُعد آلام الظهر من المشكلات الصحية الشائعة بين النساء، وتشكل أحد الأسباب الرئيسية للانقطاع عن العمل أو انخفاض جودة الحياة، لما تسببه من إزعاج جسدي ونفسي يؤثر على الأنشطة اليومية بشكل مباشر. تتفاوت أسباب آلام الظهر لدى النساء بحسب العمر، ونمط الحياة، والحالة الصحية العامة، والحالة الهرمونية، وتؤثر عليها عوامل بيولوجية واجتماعية وجسدية متنوعة. في هذا المقال، سيتم تناول الأسباب الشائعة والنادرة لآلام الظهر عند النساء، بشكل موسع وعميق، مدعوماً بالمعلومات العلمية ومراعاة أحدث ما توصلت إليه الأبحاث الطبية في هذا المجال.
أولاً: الأسباب الهيكلية والتشريحية
1. الانزلاق الغضروفي (الديسك)
يحدث نتيجة تمزق أو بروز في أحد الأقراص الفقرية، مما يؤدي إلى ضغط على الأعصاب المحيطة. وغالبًا ما يسبب ألماً حاداً أسفل الظهر، وقد يمتد إلى الساقين (عرق النسا). هذا النوع من الألم شائع لدى النساء في سن العمل، خاصة ممن يرفعن الأوزان الثقيلة أو يتعرضن لحمل متكرر.
2. التضيق الشوكي
يحدث عندما تضيق القناة الشوكية، مما يسبب ضغطاً على الحبل الشوكي أو الأعصاب. يكون أكثر شيوعًا مع التقدم في العمر، لكنه قد يصيب النساء الأصغر سنًا بسبب تشوهات خلقية أو إصابات سابقة.
3. الجنف (انحناء العمود الفقري الجانبي)
الجنف يسبب انحناءً غير طبيعي في العمود الفقري، ويؤدي إلى توتر عضلي مزمن وألم في الظهر. يمكن أن يتفاقم خلال فترات الحمل أو نتيجة ضعف العضلات الأساسية الداعمة للعمود الفقري.
4. انزلاق الفقرات (Spondylolisthesis)
وهو تحرك فقرة من مكانها الطبيعي على فقرة أخرى، مما يضغط على الأعصاب ويؤدي إلى آلام مزمنة في الظهر والساقين، وغالباً ما يتفاقم مع النشاط البدني.
ثانياً: الأسباب النسائية (المرتبطة بجهاز التناسل)
1. الدورة الشهرية
التغيرات الهرمونية المصاحبة للدورة الشهرية قد تسبب احتباس السوائل، وتشنجات في عضلات الرحم، مما يؤدي إلى آلام في أسفل الظهر، خاصة خلال الأيام الأولى من الطمث.
2. بطانة الرحم المهاجرة (Endometriosis)
حالة تؤدي إلى نمو أنسجة بطانة الرحم خارج الرحم، مما يسبب ألماً شديدًا في الحوض وأسفل الظهر، خاصة خلال الدورة الشهرية. هذه الحالة غالباً ما يتم تشخيصها بشكل متأخر وتؤثر على جودة الحياة بشكل كبير.
3. تكيس المبايض
تؤدي متلازمة المبيض متعدد الكيسات (PCOS) إلى اضطرابات هرمونية تسبب ألماً في الحوض قد يمتد إلى الظهر، إضافة إلى أعراض أخرى مثل عدم انتظام الدورة الشهرية وزيادة الوزن.
4. الحمل
تغيّر مركز الثقل، وزيادة الوزن، والارتخاء الهرموني للأربطة يؤدي إلى ضغط إضافي على العمود الفقري، مما يسبب آلاماً في الظهر، خاصة في الثلث الأخير من الحمل. الألم قد يستمر حتى بعد الولادة لفترة مؤقتة.
ثالثاً: العوامل العضلية والحركية
1. الإجهاد العضلي
من أكثر الأسباب شيوعًا لآلام الظهر. ينتج عن حمل أوزان ثقيلة بطريقة خاطئة، أو نتيجة الجلوس الطويل بوضعية غير صحية، أو النوم على مراتب غير مناسبة.
2. ضعف العضلات الأساسية (Core Muscles)
عضلات البطن وأسفل الظهر تدعم العمود الفقري، وضعفها يسبب عدم الاستقرار في الفقرات وزيادة الحمل على الغضاريف والمفاصل، مما يؤدي إلى الألم.
3. التمارين الرياضية غير الصحيحة
القيام بتمارين بشكل خاطئ أو الإفراط في النشاط البدني دون إحماء كافٍ يؤدي إلى تمزقات عضلية أو شد عضلي يسبب الألم.
رابعاً: الأسباب النفسية والعصبية
1. القلق والاكتئاب
الضغوط النفسية تؤدي إلى توتر عضلات الجسم، وخاصة عضلات الظهر والرقبة. وقد ثبت علمياً أن الألم الجسدي يمكن أن يكون انعكاساً مباشراً لحالة نفسية غير مستقرة، خاصة لدى النساء.
2. متلازمة الألم العضلي الليفي (Fibromyalgia)
اضطراب مزمن يسبب آلاماً منتشرة في الجسم، من ضمنها الظهر، ويصاحبه تعب عام واضطرابات في النوم. هذه المتلازمة شائعة بين النساء أكثر من الرجال، ولا تزال أسبابها قيد البحث.
خامساً: العوامل الهرمونية
1. تغيرات سن اليأس
انخفاض مستويات الإستروجين بعد انقطاع الطمث يؤثر على كثافة العظام والمرونة العضلية، مما يزيد من احتمال الإصابة بآلام الظهر، والهشاشة، ومشاكل المفاصل.
2. الرضاعة الطبيعية
التغيرات الهرمونية التي تحدث خلال فترة الرضاعة، إلى جانب الجهد العضلي أثناء حمل الطفل والرضاعة بوضعيات خاطئة، يمكن أن تؤدي إلى إجهاد عضلات الظهر وتسبب الألم.
سادساً: الأسباب المرضية الأخرى
1. هشاشة العظام
النساء أكثر عرضة لهشاشة العظام نتيجة التغيرات الهرمونية المرتبطة بالحمل وسن اليأس. هشاشة العظام تؤدي إلى ضعف الفقرات وانضغاطها بسهولة، مما يسبب ألماً مزمناً في الظهر.
2. العدوى
مثل التهابات المسالك البولية أو التهاب العمود الفقري (Spondylodiscitis)، قد تسبب آلاماً حادة في الظهر، وغالبًا ما يصاحبها ارتفاع في درجة الحرارة.
3. الأورام
رغم ندرة هذه الحالة، فإن وجود أورام حميدة أو خبيثة في العمود الفقري أو الأعضاء القريبة منه يمكن أن يؤدي إلى ضغط على الأعصاب والشعور بآلام مستمرة في الظهر.
سابعاً: العادات الحياتية الخاطئة
1. الجلوس لفترات طويلة
الجلوس الطويل، خاصة أمام الحاسوب أو أثناء القيادة، يؤدي إلى إجهاد الفقرات القطنية، خصوصًا إذا كانت وضعية الجلوس غير صحية.
2. ارتداء الأحذية غير المريحة
الكعب العالي أو الأحذية غير المبطنة يؤديان إلى تغيير طريقة المشي، مما يضع ضغطًا غير طبيعي على العمود الفقري.
3. زيادة الوزن
السمنة، خاصة تراكم الدهون في منطقة البطن، تزيد من الضغط على الفقرات القطنية، وتؤدي إلى آلام مزمنة يصعب التخلص منها دون إنقاص الوزن.
جدول: مقارنة بين أبرز أسباب آلام الظهر عند النساء
| السبب | طبيعة الألم | الفئة العمرية الشائعة | سبل الوقاية أو التخفيف |
|---|---|---|---|
| الانزلاق الغضروفي | حاد، يمتد إلى الساقين | 30-50 سنة | تقوية عضلات الظهر، تجنب الأحمال الزائدة |
| بطانة الرحم المهاجرة | مزمن، يزداد أثناء الدورة | 20-40 سنة | العلاج الهرموني، الجراحة إن لزم |
| الحمل | خفيف إلى متوسط، متواصل | الحوامل | التمارين الخفيفة، دعم أسفل الظهر |
| هشاشة العظام | مزمن، مع تقوس بالظهر | فوق 50 سنة | الكالسيوم، فيتامين د، الرياضة |
| القلق والاكتئاب | متنوع، غير مبرر عضويًا | مختلف الأعمار | العلاج النفسي، الراحة، التأمل |
| الجلوس الخاطئ | متكرر، يزداد مع الزمن | الموظفات، الطالبات | تحسين بيئة الجلوس، التمارين |
ثامناً: الاعتبارات الوقائية والعلاجية
-
التشخيص المبكر: من الضروري إجراء الفحوصات التصويرية مثل الأشعة السينية أو الرنين المغناطيسي لتحديد السبب الدقيق للألم.
-
العلاج الطبيعي: يُعد من أنجح الوسائل في إعادة تأهيل العضلات وتحسين وظيفة العمود الفقري.
-
العلاج الدوائي: يشمل مضادات الالتهاب غير الستيرويدية، مرخيات العضلات، أو العلاج الهرموني حسب الحالة.
-
الرياضة المنتظمة: تمارين مثل السباحة والمشي واليوغا لها تأثير فعّال في تقوية العضلات وتخفيف الألم.
-
التغذية الجيدة: تلعب دوراً أساسياً في الوقاية من هشاشة العظام وأمراض المفاصل.
-
الاستشارة الطبية: ينبغي عدم تجاهل الألم المزمن والرجوع إلى الطبيب المختص لتجنب تفاقم الحالة.
المراجع
-
Mayo Clinic. (2023). Back pain in women: Causes and treatment.
-
National Institutes of Health. (2022). Women’s Health and Back Pain.
